خاص الكوثر_ عين الحياة
وقال أبو زكريا إن الإمام الحسين عليه السلام، حين خرج في حركته الإصلاحية، كان يعبّر عن جوهر الإسلام في قوله: "خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي". واعتبر أن إحياء الدين الحقيقي لا يتم إلا من خلال إحياء وعي الإنسان وحركته في الحياة، وتصحيح نظرة الأمة للنصوص، وسلوكها العملي، وتفسيرها للدين.
وفي معرض حديثه عن السياق التاريخي، أشار إلى أن الأمة الإسلامية شهدت تحولات فكرية حادة بعد التحاق الرسول الأكرم بالرفيق الأعلى، أدّت إلى انقسامات داخلية وتأويلات منحرفة أبعدت الدين عن مقاصده الأصيلة. واعتبر أن القرآن الكريم لا يمكن اختزاله إلى كتاب سردي أو حِكائي، بل هو كتاب يحمل معادلات الماضي والحاضر والمستقبل، ويضع الأمة أمام مسؤولياتها في كل زمان.
وذكّر أبو زكريا بتجربة نوح عليه السلام، الذي استمرت دعوته قرابة الألف سنة، ولم يؤمن به إلا عدد قليل من الناس، مشيرًا إلى أن التاريخ الديني الإنساني حافل بحالات الانحراف عن الرسالة، حتى في المراحل الأولى للبشرية، كما في قصة قابيل وهابيل.
وأضاف أن الإسلام جاء ليجمع لا ليفرّق، وأن القواسم المشتركة بين أتباع هذا الدين ينبغي أن تكون هي الأساس، لا العصبيات والمذهبيات والطائفيات. لكنه حذر من ظهور "أحبار الأمة" في العصور الإسلامية، الذين يُشبهون الأحبار الذين حرّفوا الديانات السابقة، إذ قام بعضهم بتأليه الطغاة وتبرير استبدادهم باسم الدين.
وختم بالتحذير من أن تحريف الشريعة الإسلامية مستمر حتى اليوم، عبر منابر تدّعي الدفاع عن الدين، لكنها تُفرغ الإسلام من جوهره الثوري والإنساني، وتُمهّد للطغيان باسم القداسة.