الأمثال المشتركة بين العربية والفارسية

الأربعاء 14 يونيو 2017 - 13:33 بتوقيت مكة
الأمثال المشتركة بين العربية والفارسية

بما أن العلاقة بين اهل بلاد فارس والعرب ترجع إلى عهود سحيقة في القدم وقد تمّ الامتزاج بين الشعبين حتّى قبل الإسلام، استطاع كثير من المؤرخين والعلماء مستندين إلى روايات مؤرخين قدامى وإلى نتائج علمية دقيقة أن يرسموا لنا صورة لهذه الصلات التي تمت بين العرب والفرس في العصر الساساني فمن المتوقع أن نجد محاولات جرت منذ زمن بعيد في المقارنة بين الأدبين .

فقام الباحثون بالمقارنة بين المضامين الفارسية والعربية منذ القدم، منهم: أمين باشا الذي اهتم بطبع نسخة خطية عنوانها قرة العين سنة 1354 من الهجرة، تحتوي على بعض الأمثال العربية والفارسية مستشهداً بالآيات القرآنية والحكايات النادرة. وأبو هلال العسكري الذي تطرق في كتابه جمهرة الأمثال إلى بعض المقارنات بين الأمثال الفارسية والعربية. ولأبي عبدالله الأبيوردي قصيدة ترجم فيها أمثال الفرس ذكرها الثعالبي في كتابه يتيمة الدهر. منها:

وكــم من حمـار صــار يرتاد قــرنه          فآب بلا إذن وكان من الخــطل

 أي: خرج الحمار يطلب قرنين، فعاد بلا أذنين.

 كما جاء رشيد الدين الوطواط في كتابه «لطائف الأمثال وطرائف الأقوال» بعدد من الأمثال العربية التي بلغت 276مثلاً وهو يذكر استعمالها بعد ترجمتها إلى الفارسية. والأديب والباحث الكبير علي ‌أكبر دهخدا في كتابه «أمثال وحكم» ذكر كثيرا من الأمثال والحكم العربية وحاول أن يذكر ما يعادلها من الفارسية. ومحمد دامادي قارن بين المضامين المشتركة في الفارسية والعربية في كتابه «مضامين مشترك فارسى وعربى» ، وهناك كتاب بعنوان «گنجينه ادب» أي ( كنز الادب ) او «امثال وحكم رايج در زبان عربى» لإسماعيل العمادي الحائري الذي عني بترجمة الأمثال وشرحها ولم يهتم بالمقارنة بينها وبين الأمثال الفارسية .

وهناك محاولة أخرى جرت سنة 1980 ميلادية على يد الكاتب الايراني أمير شاهد بعنوان «ضرب المثلهاى رائج در زبان عربى »أي ( الامثال المتداولة لدى العرب ) . يتميّز هذا الكتاب بأنّ الباحث قام فيه بترجمة وتحشية ما جاء في ملحق المنجد من الأمثال التي ذكر أكثرها في مجمع الأمثال وسماها لويس معلوف «فرائد الأدب»، فلم يكن بصدد المقارنة بين الأمثال العربية والفارسية إلا ما وجده في كتاب دهخدا من نظراء الأمثال فنقلها في الهامش.

وهناك محاولات في هذا المجال تنحصر غالباً في نطاق الرسائل الجامعية فعلى سبيل المثال هناك دراسة تحت عنوان ( أمثال وحكم مشابه در عربي وفارسي ) أي ( الامثال والحكم المتشابه في الفارسية والعربية ) أعدّه مؤلفه علي قهرماني للحصول على الدكتوراه يشتمل على 1000 مثل وحكمة ، وما يعادلها في الفارسية من الأمثال والحكم .  

ان قدم الحضارتين العربية والفارسية والموروث الادبي لهما الذي يمتد الى آلاف السنين جعل شعبي هذين الحضارتين من أغنى شعوب العالم بالموروث الثقافي وخصوصا في الامثال والحكم التي تناقلت عبر الاجيال وحفظها الابناء عن الاباء والاجداد .

الامثال هي أحدى الفروع المهمة للأدب فهي تحوي ما أمتاز به ذلك الشعب من عادات وتقاليد وسنن لمختلف طوائفه عبر الزمن .

ان امثال كل أمة هي العلامة على سعة افكار تلك الامة ، فاننا ومن خلال دراسة وتحليل مضامين ومعاني الامثال نستطيع ان نتعرف على اخلاق واذواق وافكار تلك الامة ، ولذا نعتقد ان التشابه ووجه التقارن بين الامثال العربية والفارسية ، ناتج عن اختلاط الشعبين وتأثر احدهما بالآخر ، ولذا نجد ان التأثر والتأثير واضح في مجالات عديدة من أدب وثقافة هذين الامتين ، ومنها الإختلاط والتداخل ما بين الأمثال والحكم المتداولة بينهما .

بنظرة فاحصة للأمثال في أدب أمة ما، تكشف أولاً المفردات اللغوية الأولى في لغتها لأنها مصدر من مصادر اللغة، بما تكتنزه من ذخائر لغوية غنية؛ وثانياً تمدّ الباحث بصور صادقة عن الحياة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية والدينية لتلك الأمة.

ففي الأمثال مادة للدراسة والبحث وعوالم لم تكتشف بعد وهي تمثل حقيقة معتقدات الأمم وآرائهم الفلسفية لأن المثل ناتج عن تجربة، تلك التجربة التي نعتبرها أماً لجميع أنواع العلوم  حسب ما يقول احد المفكرين .

المثل هو القول الموجز والحكمة المعبرة الناشئة عن حادثة او قصة يمكن تكرارها في كل زمان ومكان مما يساعد على استمرار المثل وشيوعه بين الناس ، وتعد الامثال العامية أكثر شيوعاً من الامثال الفصحى لدى الشعبين الفارسي والعربي كونها لاتلتزم بقواعد الاعراب والفصاحة وغالباً ماتكون نابعة من اللهجة المحلية لكل منطقة وسميت بالعامية لان أكثر من يستخدم هذا النوع من الامثال هم عامة المجتمع والشريحة الكبرى من الناس ، وتتميز هذه الامثال بأنها أكثر تأثيراً في نفوس الناس من الامثال الفصيحة لرشاقتها وسهولة استخدامها طرافتها .

وهنا نسرد مجموعة من الأمثال المشتركة بين اللغتين العربية والفارسية تلك الأمثال المتداولة بين شرائح المجتمع العربي والفارسي على الصعيد المحلي والعامي اكثر مما هو عليه بين الاوساط الثقافية والادبية في كلا الطرفين .

1  / المثل الفارسي : آب كه آمد تيمم باطل است  .... المثل العربي : إذا حضر الماء بطل التيمم .

2 / المثل الفارسي : از حق تا ناحق چهار انگشت .... المثل العربي :  بين الصدق والكذب أربع أصابع  .

 3 / المثل الفارسي : بخور  نمير    .... المثل العربي : قوت لايموت

4 / پول سفيد براى روز سياه  .... المثل العربي : القرش الأبيض ينفع في اليوم الاسود

5 / المثل الفارسي : حرف حق تلخ است ... المثل العربي : كلام الحق مُرّ

6 / المثل الفارسي : حركت از تو بركت از خدا  ... المثل الفارسي : منك الحركة ومن الله البركة .

7 / المثل الفارسي : رحم كن تا به تو رحم كنند ... المثل العربي : إرحم .. تُرحَم .

8 / المثل الفارسي : زخم شمشير خوب ميشه زخم زبان در دل مي ماند ... المثل العربي : جرح السيف يطيب وجرح اللسان لا يطيب .

9 / المثل الفارسي : سكوت علامت رضا است .... المثل العربي : السكوت علامة الرضا .

 

 

 

إن اهمية المثل تكمن في اتخاذ العبرة والموعظة منه و القرآن الكريم لم يخل من ضرب الأمثال للناس لكل امر يجب على المؤمنين تجنبه وأخذ العبرة منه بالنظر لما حدث لغيرهم من الامم والآيات القرآنية التي ذكرت المثل كثيرة منها قوله تعالى : (وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ) وقوله تعالى (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ )  وقال تعالى في آية اخرى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ ) .

صدق الله العلي العظيم

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

الأربعاء 14 يونيو 2017 - 13:19 بتوقيت مكة