خاص الكوثر - قضية ساخنة
فالكيان الذي كان يفصل سابقا بين ساحات الاشتباك وحدودها وبين الدول المتصالحة معه وتلك التي تناسبه العداء اسقط اليوم هذا الحاجز تماما واصبح يتعامل مع المنطقة كوحدة مستباحة يمكن ضربها متى اقتضت مصالحه ذلك.
اللافت ان الاعتداء على الدوحة لم يستهدف فقط و فد حركة حماس الذي كان في قلب مفاوضات التهدئة ولا الوساطة القطرية التي حاولت منذ بداية الحرب ان تفتح قوه في جدار الصراع بل ان الضربة حملت رسالة رمزية الى قطر نفسها الدولة الصغيرة التي نجحت خلال العقدين الاخيرين في فرض حضورها على الساحة الدولية كوسيط وراع للتسويات وكلاعب يتجاوز حجمه الجغرافي فجأة وجدت الدوحة نفسها في قلب النزاع لتكتشف ان أدواتها الناعمة من استثماراتها الإعلامية والرياضية الى قوتها الدبلوماسية عاجزة عن تحييدها عن نيران الصراع عندما يقرر الطرف الصهيوني ادراجها في بنك اهدافه.
اقرأ ايضاً
لم يشفع لقطر انها واحدة من ابرز حلفاء الولايات المتحدة في الخليج الفارسي ولانها تستضيف اكبر قاعدة عسكرية امريكية في المنطقة "قاعدة العديد" التي شكلت لعقود ركيزة اساسية فيما يسمى بالاستراتيجية الدفاعية لامن الخليج الفارسي كل هذه العناصر لم توفر للدوحة سياقا في وجه الكيان المتوحش على العكس كشفت الضربة ان التحالفات التقليدية لم تعد تشكل ضمانة وان الكيان في منطقه الجديد لا يتورع عن ضرب اي طرف اذا اقتضت مصالحه ذلك حتى لو كان منخرطا في ترتيبات التطبيع او الوساطة وليس خافيا ان هذا التحول يعكس عقليه استعماريه تعود بنا الى المراحل الكلاسيكية من التاريخ الحديث، فالكيان لا يسعى فقط الى ردع خصومه بل الى فرض منظومة هيمنة كاملة السيطرة على طرق الطاقة والغاز التحكم بالممرات المائية والضم مناطق عازلة خالية من السكان وتفكيك الدول المركزية عبر اللعب على تناقضات مكوناتها الاجتماعية والطائفية وتهيئة المنطقة لاستقبال اسرائيل الكبرى التي لم تعد مشروعا جغرافيا توسعا فقط بل مشروعا امنيا وهيكليا يرمي الى اعادة صياغة المنطقة بكاملها.